من القلب

الجدوى الرياضية

نبيل الحاج علي


برز في الآونة الأخيرة وفي سياق الطفرة التي حققتها البشرية في القرن العشرين وقرننا هذا علم جديد، فالطفرة في العلوم والتقنية والاقتصاد حولت العالم إلى قرية صغيرة فيها من الإيجابيات ما يكفي لكي يعيش الغني برفاهية لا يتصورها العقل، كما راكمت السلبيات بحيث جعلت الفقير يحن إلى الأيام الخوالي عندما لم تكن الحضارة والتقدم العلمي بهذا الشمول، ولأن العولمة هي نتاج كل ذلك فتجذر الفقر وانحصرت ثروات العالم بيد المتنفذين الذين يقودون  كارتلات ومجموعات ضخمة من الشركات التي تزيد ميزانياتها عن ميزانيات كثير من الدول كشركات السلاح والنفط والتكنولوجيا الحديثة، هذه المجموعات لها قوانينها الخاصة بحيث ابتدعت أساليب جديدة سميناها بالعلم وهذا العلم هو ما تحتاجه التروستات الضخمة لتعزيز نجاحها والحفاظ على ثرواتها الهائلة، وهو مجموع الدراسات التفعيلية التي تقرر الجدوى الاقتصادية والاستثمارية لأي مشروع تقدم عليه.

بعد هذه المقدمة الطويلة عن الجدوى الاقتصادية ندخل إلى موضوع الزاوية وهو الجدوى الرياضية أي أن أي مؤسسة رياضية وخاصة النوادي ملزمة أن تدرس الجدوى الرياضية في تبني بعض الألعاب أو إهمالها اعتماداً على ما يملكه النادي أو المؤسسة من مقومات مادية وملاءة مالية تخدم القرار المتخذ، ومن هنا نقول بأن بعض أنديتنا تهمل مثل هذه الدراسة المستندة إلى واقع مؤكد وتقرر أن يدخل النادي إلى عالم كرة القدم لما لهذه اللعبة من جماهيرية وشعبية فهي تحتكر كل الأضواء الإعلامية وأخبارها تتصدر برامج الفضائيات وشبكات التواصل وهكذا ودون أي حسابات للقدرة المالية يقرر هذا النادي أو ذاك دخول هذا الميدان دون حساب للتكاليف، التي ستترتب على مثل هذا القرار مما يؤدي إلى تصفير ميزانية النادي الذي يرعى بعض الألعاب الأخرى التي تتأذى بشكل كبير نتيجة الاندفاعة غير المدروسة نحو اللعبة المشهورة والأمثلة كثيرة على الإهمال الحاصل على بعض الألعاب نتيجة لقرار لم تدرس فيه الجدوى الرياضية.

ما حصل لنادي الحرفيين الهابط من الممتاز إلى الأولى، وما يحصل لبعض الأندية حتى الكبيرة منها من استنزاف للموارد التي تنفق على كرة القدم وحدها درس مجاني لكل ناد ومؤسسة رياضية كي تتبع الأساليب الحديثة والعلمية ودراسة الجدوى الرياضية لأي قرار لأن هذه الدراسة تحمي النادي من الوقوع في مطبات مالية، وتحمي ألعاباً أخرى من أن تتأذى والمثل الشعبي يقول "مد لحافك على قد رجليك" رحم الله أسلافنا فقد وصلوا في الماضي إلى تحقيق الجدوى في أي مشروع بالفطرة والمنطق السليم ومن لا يحسب لا يسلم.