من القلب

الحدث الصدمة

نبيل الحاج علي


تستضيف مصر الكأس الإفريقية لكرة القدم، وهي بطولة عالمية بكل المقاييس، وتصدت مصر لهذه الاستضافة كونها سبق وأن حازت الكأس الإفريقية لعدة مرات فكان هذا دافعاً لتكرار هذا الفوز مرة أخرى، فاستنفرت كل المؤسسات الإعلامية والحكومية لدعم وتغطية هذا الحدث المهم، الأمر الذي أدى لانتشار مفهوم مسبق الصنع بأن مصر ستصل حتماً للمربع الذهبي، وخاصة أن محمد صلاح النجم المصري اللامع سيكون في عداد المنتخب، وتحول الشارع المصري المهووس بكرة القدم إلى كتلة تقف وراء منتخبه معتبراً أن الفوز قاب قوسين أو أدنى. بعد الخسارة الصاعقة مع جنوب إفريقيا بهدف والخروج من الدور 16 أصيب الشارع الرياضي والرسمي بالذهول وتوجهت أصابع الاتهام مع اختلاف النسب المئوية إلى الاتحاد المصري لكرة القدم مُثلاً برئيسه هاني أبو ريدة متهمة إياه بالفساد المالي والمجاملة على حساب المنظومة الكروية، ووصل الأمر ببعض المسؤولين الكبار إلى المطالبة بتشكيل لجنة تحقيق بالأمر وذلك بعد استقالة رئيس الاتحاد ثم اتجهت الأنظار إلى الكادر الفني والإداري المستقيل الذي قاد المنتخب حتى مباراة الخسارة واتهم بالمسؤولية المباشرة عن هذه النتيجة، فالتشكيلة سيئة كما قالوا خاصة وأن الدوري المصري أفرز عدداً من الأسماء التي لم تُدعَ للمنتخب واتهم اتحاد الكرة بتقصيره في مناقشة هذا التشكيل وقيل في المحصلة أن الكادر الفني والإداري لم يكونا على مستوى الحدث، وطرح الجمهور السؤال الأساسي الذي يتعلق بخروج المنتخب المصري من كأس العالم الأخيرة في روسيا واعتبروه خروجاً غير مشرف والسؤال ظهر الآن وبعد الصدمة المؤلمة والذي يقول: لماذا لم يتخذ أي إجراء بعد الفشل في كأس العالم ويجيب البعض بثقة بأن الاتحاد الحالي ليس على مستوى المسؤولية وأن هناك مجموعة كبيرة من الكوادر الشبابية المتخصصة بكرة القدم وتملك تصورات مختلفة عن مقاربة واقع الكرة المصري وأن هذه المجموعة الواعدة تم إقصاؤها بشكل أو بآخر. الرأي الثالث وهو أقل زخماً ولا يشكل ثقلاً مهماً في الشارع المصري يقول بأن اللاعبين هم السبب الرئيسي فيما حدث وأن على رأس القائمة النجم محمد صلاح لكن المتخصصين الكرويين والواقعيين أجابوا على هذا الرأي بأن محمد صلاح مرهق من الموسم الأوروبي والبطولات وأن البطولة الإفريقية ضمت أربعاً وعشرين وعشرون منتخباً وأن موعد البطولة حدد في الأشهر الأكثر حرارة، وأضافوا بأن الطريقة التي حددها المدير الفني للمنتخب كأسلوب لعب أضرت بإمكانيات محمد صلاح في الملعب وأضافت بأن كرة القدم لعبة جماعية وليست مسؤولية لاعب واحد ولو كان مشهوراً. هذه محصلة وإفرازات ما بعد الصدمة، والجمهور المصري المدمن على كرة القدم أصيب بالإحباط بعد التلويح المباشر بإمكانية الحصول على الكأس الإفريقية مرة أخرى. في التحليل المنطقي في عالم كرة القدم نقول بأن كل شيء ممكن الحدوث في هذا العالم، فالكبار يسقطون أيضاً والأمثلة أكثر من أن تحصى وأن الفوز والخسارة في الرياضة عموماً قاعدة. لكنها قاعدة لا يقبلها الجمهور العاطفي المتطرف في حبه وولائه لمنتخبه، والمهم أن التجربة أظهرت بوضوح أن الأخطاء يمكن أن تقع وأن الشاطر من يستفيد ويتعلم من تجارب الآخرين.