من القلب

الخطوط الحمر

نبيل الحاج علي


كيف يتم اجتياز الخطوط الحمر رياضياً بهدوء وبلا جلبة؟ وكيف يؤُسس لمرحلة تطبيع مع الكيان الصهيوني من عدة مداخل ومن أهمها المنافسات الرياضية التي لها جمهورها الواسع، ولأن المخططين للتطبيع يعلمون بأن الرياضة مدخل مهم لخطوات أوسع، ومن ينسى ما حققه لقاء الولايات المتحدة بكرة الطاولة مع المنتخب الصيني فيما مضى من نقلة نوعية في العلاقات بين البلدين، لكن قضية القدس وفلسطين هي قضية مبدأ وحقوق مغتصبة وليس مسألة علاقات دبلوماسية وتجارية. بعد زيارة المدون السعودي إلى المسجد الأقصى في القدس يطلع علينا خبر اللقاء الرسمي للمنتخب السعودي بكرة القدم مع المنتخب الفلسطيني في سياق تصفيات الكأس الآسيوية؟ المباراة ستتم في القدس.. والتي اعتبرها الكيان عاصمة له خارقاً كل القوانين والأعراف الدولية، ورغم أن المنتخب الفلسطيني هو في القلب إلا أن إجراء المباراة على أرض فلسطينية وفي القدس تحديداً يعتبر قبولاً مبطناً لما أعلنه الكيان وتمهيداً لخطوات أوسع في مجالات أخرى. إن قيام المجتمع المدني والمنظمات الفلسطينية باستنكار هذه الخطوة والمطالبة بمقاطعتها مؤشر على رفض شعبي لكن هذا وللأسف لن يمنع من إجراء المباراة في موعدها، ولن ينفع الرفض الشعبي الفلسطيني دخول المنتخب السعودي عبر حواجز الكيان وصولاً إلى القدس. كما في مسرح اللامعقول تتدحرج التنازلات من قبل صاحب الحق تجاه المغتصب، ويتساءل الإنسان العربي المذهول كيف وصلنا إلى هذا الانفصام في مفهوم الحق والحقوق، فأن نكون أو لا نكون هو جوهر المسألة بينما يتعامل معها البعض ببساطة وبرودة أعصاب بشكل مثير للدهشة والاستغراب. هل التصفيات الآسيوية بكرة القدم، أو بطولة الأندية الآسيوية أهم في قاموس البعض من ضياع الحقوق وتشريد شعب بأكمله، وهل يوجد ويتوفر أي مبرر أخلاقي وقانوني لتجاوز هذه الحقوق لمجرد إجراء مباراة حسب أجندة الاتحاد الآسيوي؟ كان الاستنكاف عن المباراة والطلب إلى الاتحاد الآسيوي تبديل مكان اللقاء من واجب المسؤولين عن المنتخب السعودي ولهذا سابقة حدثت في بطولة الأندية الآسيوية عندما طلب نادي الجيش السوري والنادي اللبناني تبديل مكان اللقاء مع الهلال الفلسطيني وتمت الموافقة على الطلب آنذاك، لكن الممكن شيء والرغبة في إحداث خرق تطبيعي شيء آخر الأمر الذي نراه ونعيشه في هذه الأيام الحزينة. عندما بصق أطفال القدس على وجه المدون الفلسطيني في ساحات المسجد الأقصى أشعرنا بالراحة والعزاء من أن هناك جذوة متقدة تحت الرماد لم تخبُ على مر السنين العجاف، وعندما يقبل منتخب عربي المرور عبر حواجز الهوان تشعر بالصدمة لخذلان الأطفال الأبطال من قبل عربي قَبِل أن يحني هامته أمام الطاغية لغاية في نفس يعقوب.. ولله في خلقه شؤون.