من القلب

عودة حلب المشرقة

نبيل الحاج علي


عندما يعود الرياضي الصغير بعمر الناشئين إلى التألق فهذا يعني بداهة أن النجاح هذا قد أعاد اللعبة.. أي لعبة إلى مسارها بعد توقف طويل، فما عانته حلب لا يخفى على أحد فقد توقفت عجلات الحياة بكل مناحيها والرياضة أحد تلك الفعاليات التي تأثرت إلى حد كبير. حلب كانت إحدى قلاع الرياضة السورية، فمن لا يعرف عن كرة السلة في حلب وتنافس الأندية العريقة كالاتحاد والجلاء والحرية واليرموك في كرنفال قلّ نظيره، ومن لا يعرف عن النجوم الذين تألقوا في هذه اللعبة على مدى عقود ورفدوا كل فئات المنتخبات، ومن ينسى حب حلب الجارف لكرة القدم ونجوم أنديتها الذين شكلوا العمود الفقري للمنتخبات وظهروا على شاشة الرياضة السورية وإلى أندية محترفة أوروبية ولعب عدد كبير منهم في بطولات العالم وخاصة فئة الشباب. وأبطال حلب بالجمباز كانوا المنافس الأشد بأساً في بطولات الجمهورية ومنتخباتها ومن ينسى ذهبية هشام في السباحة وعلى المستوى الآسيوي. الكثير من النجوم قدمتهم حلب للرياضة السورية وها هي الآن وبعد أن تحررت تعود كطائر الفينيق إلى الساحات وها هي البشائر تعلن عن نفسها. فحلب بطلة أولمبياد الناشئين بكرة السلة، وحلب تشهد نهوضاً قوياً بالجمباز أعلن عن نفسه بوضوح في أولمبياد الناشئين، والمخاض مستمر في بقية الألعاب التي ستشهد عودة إلى المواقع المعهودة لحلب الشهباء. الصف الأول لأي لعبة هو البداية، والناشئون هم البداية وعودتهم إلى التصدر في بعض الألعاب دليل تعافي الكوادر التدريبية التي تعمل في الظل كي تقدم عملها للجمهور وهذا ما حصل. ننتظر سباحة حلب، وألعاب القوى فيها، وننتظر انطلاقة جديدة بكرة الطائرة واليد لأن تكامل الألعاب دليل نهضة شاملة ورغم كل التحديات التي مرت بها حلب القلعة إلا أنها بقيت صامدة وبدأت الآن في العودة إلى مواقعها المعهودة. لعل أكثر الخطوات الاستراتيجية أهمية هي استمرارية أولمبياد الناشئين على مستوى القطر فمنافسات هذا الأولمبياد تبرز مكامن القوة في كل محافظة وتفتح الطريق أمام مواهب مجهولة، كما ويظهر هذا الحدث نقاط الضعف التي تكرست على مدى سنين عجاف انكمشت فيه القدرات. إذاً استمرارية هذا العمل الاستراتيجي ضرورة وجودية للرياضة السورية، وتشديد الرقابة على نوعية المشاركات بأدق تفاصيلها مهمة للغاية لأنها تفرز أبطالاً من النخبة تحتاج إلى برامج عمل إضافية لاستكمال الحلقة العمرية وبالتالي دفعها إلى مسارات أكثر تطوراً وتخصصاً، كما أن معالجة الثغرات ونقاط الضعف التي تحتاج إلى جهد مضاعف جزء من هذه الاستراتيجية. عادت حلب.. وعادت حمص وحماة والسويداء، وعادت الحسكة واللاذقية وطرطوس وننتظر انطلاقة بقية المحافظات، ودمشق تبقى العاصمة ومنها البداية. خطوات ثابتة على الطريق الصحيح ستتحول إلى قفزات، ونحن بالانتظار.