في الصميم

حلقة مفقودة

أنور البكر


البطلة الواعدة والموهبة الصغيرة هند ظاظا تتأهل إلى أولمبياد طوكيو 2020 في انجاز عربي غير مسبوق وعالمي نادر الحدوث للاعبة في هذا السن تصل إلى هذا المستوى, تأهل ظاظا فتح الباب واسعاً للحديث عن كيفية الحفاظ على هذه الموهبة وتطوير مستواها الفني وصولاً إلى انجاز مستقبلي يتناسب مع إمكاناتها وموهبتها.

الأفكار كثيرة في هذا الإطار ولكن الثابت في الأمر أن رئيس الاتحاد الرياضي العام شخصياً أخذ المبادرة وتعهد بتقديم كل ما يلزم لرعاية هذه البطلة وفق الرؤية التي يضعها اتحاد كرة الطاولة، ومن ضمنها البحث في إمكانية استقدام اللاعبة وعائلتها من محافظتها حماه إلى دمشق لتكون استعداداتها وتحضيراتها تحت إشراف اتحاد اللعبة ومن يراه مناسباً من الخبرات الوطنية المشهود لها في هذا المجال.

ما تقدم به رئيس الاتحاد الرياضي العام، هو بادرة طيبة تسجل له ولها دلالات مبشرة لناحية الاهتمام بأبطالنا ومواهبنا الرياضية..، وما يخطط له اتحاد اللعبة أمر ايجابي بكل دلالاته وإن كان ذلك من صلب عمله وواجبه تجاه أبطاله، فهل هذا الأمر كاف ويجعلنا نطمئن أن مستقبل لاعبتنا الموهبة بات في أمان ونتائجه محسومة سلفاً وما علينا سوى الانتظار لقطف الثمار.

في الحقيقة إن المسألة لم تكن يوماً ولن تكون بهذه السهولة والبساطة، وذلك بناء على تجارب سابقة مع مواهب رياضية متميزة جداً مرت على رياضتنا تم الاحتفاء بها ودعم موهبتها إلى حد بعيد ولكن النتائج لم تكن بمستوى ما تم التخطيط له والعمل عليه.

في عام 2017 نجحت بطلة العاب القوى لوريس دنون (لم تكن تكبر هند ظاظا حينها بكثير) بتحقيق نتيجة ملفتة على مستوى القارة بحصولها على ذهبية سباق 800م في دورة الألعاب الآسيوية للناشئين والناشئات وتسجيل رقم جديد على مستوى الدورات الآسيوية لفئة الناشئات (لم يكسر حتى اليوم)..، وحينها تحدثنا عن ولادة طفرة رياضية جديدة بالعاب القوى السورية، كما نتحدث اليوم عن ولادة بطلة بمواصفات خاصة في كرة الطاولة السورية.

بعد الانجاز الكبير للبطلة دنون حينها رأى اتحاد العاب القوى أن يتم الإشراف على تدريبها مركزياً, وبالفعل تم استقدامها إلى دمشق مع والدتها بطلة العاب القوى واشرف على تدريبها مدربو المنتخب الوطني، وانتظر الجميع رؤية هذه البطلة وقد تطور مستواها وتحسنت أرقامها وتعددت انجازاتها، ولكن ما الذي حصل بعد ذلك؟

بعد تحضيرها في دمشق ما يقارب العام تشارك دنون في بطولة آسيا للشابات فلم تنجح بتحقيق أرقامها التي سجلتها وهي ما زالت في سن الناشئات عندما كانت تتحضر بإمكانات بسيطة جداً في محافظتها (السويداء)..؟ لوريس تشارك في بطولة العالم للشابات فتخرج من التصفيات الأولية؟ باتت القناعة بعدها أن بقاء دنون في السويداء وتحضيرها هناك أفضل منه في دمشق.

ومن تجاربنا أيضا في رعاية المواهب مركزيا نماذج أخرى لم تعط الثمار المأمولة وفي كرة الطاولة بالذات أمثال الشقيقتين سوزان وإيمان محمد والبطلة هبا اللجي اللواتي تم استقدامهن من محافظة الحسكة نظراً لتميزهن الكبير.. ولكن بالنتيجة نجد أنهن اليوم يصارعن ليظفرن بمركز متقدم على مستوى بطولات الجمهورية لا أكثر.

نعتقد أن هناك ثغرة ما أو حلقة مفقودة تحد من استفادة مواهبنا من الرعاية التي تقدم لهم على مستوى المركز، فلنقرأ تلك التجارب جيداً ونتقصى كل صغيرة وكبيرة فيها، لنستطيع بعدها تشخيص الحالات ومعرفة الأسباب وراء عدم نجاحها، حتى لا تكون النتائج كسابقاتها, وربما علينا أن نضع هذا الأمر بعهدة لجنة المنتخبات الوطنية التي سيتم تفعيل عملها من جديد كما علمنا.