في الصميم

كرة اليد.. ومخاض جديد

أنور البكر


منتخب مصر يصل إلى ربع نهائي كأس العالم بكرة اليد ويخسر بالتمديد أمام الدانمارك في انجاز ملفت ولكنه غير مفاجئ بالعموم قياساً للمعطيات التي سبقت ذلك، فالمنتخب المصري هو زعيم القارة السمراء وتوج سابقاً بلقب بطولتها ست مرات كما إنه وعلى مدى سنوات طويلة كان حاضرا في بطولات العالم وحقق خلالها أداء مشرفاً ونتائج جيدة أبرزها تحقيقه المركز الرابع عام 2001 كما إنه أحرز المركز السادس مرتين في الدورات الأولمبية أخرها عام 2006، وبالتالي فالانجاز هو نتيجة عمل طويل وتراكم خبرات ومحاولات متعددة ومضنية وليس وليد الساعة أو طفرة عابرة.

في سورية نسمع منذ سنوات وسنوات أن لعبة كرة اليد هي الأقدر بين ألعابنا على تحقيق انجاز عربي وقاري خلال وقت قصير وهي مقولة صحيحة إلى حد بعيد بالنظر إلى كونها اللعبة الأكثر مواءمة لطبيعة المواهب الموجودة في بلدنا... ولكن ماذا فعلنا خلال كل تلك السنوات لتحقيق هذا الأمر أو حتى الاقتراب منه.

في الحقيقة أكثر ما ميز عملنا في هذه اللعبة بالذات هو الانكفاء وعدم دعم اللعبة إلى حد الإهمال، حتى باتت ضمن الألعاب المصنفة تحت عنوان الألعاب الشهيدة أو المندثرة ما عدا محاولات متفرقة ضمن فواصل زمنية طويلة لا تسمن ولا تغني من جوع، فقدنا خلالها عدداً من ابرز الكوادر واللاعبين المميزين بابتعادهم عن اللعبة نهائيا أو استثمرتهم منتخبات أخرى من خلال التجنيس والشواهد كثيرة.

قبل ايام قليلة عادت اللعبة إلى دائرة الضوء من خلال إعادة تشكيل اتحاد جديد لها وهذه المرة بوجوه جديدة على عكس ما كان يحدث خلال عقدين من الزمن على الأقل... ويبدو للوهلة الأولى أن الاتحاد الجديد متحمس للعمل على الأقل من خلال ما لمسناه من خطوات قام بها خلال الأيام العشرة من عمر تكليفه والتي قام خلالها بزيارات سريعة لأربع محافظات من معاقل اللعبة وعقد جمعية عمومية للاتحاد قدم خلالها تصوراً لواقع اللعبة ومشكلاتها واحتياجاتها ومتطلبات كوادرها وعرض خطة عمل بعناوين طموحة... فهل هذه الحماسة للعمل والرغبة بحرق المراحل مجرد فورة البداية التي سرعان ما تبرد عند أول مطب، أم هي فعلا مخاض حقيقي لولادة جديدة ستزهر ربيعا مشرقا لهذه اللعبة التي كانت يوما من ألعابنا المتميزة، خاصة أن القيادة الرياضية تبدي اهتماماُ كبيراً بها ووعدت بتقديم كل ما يلزم لنجاح الاتحاد في عمله الهادف لانتشال اللعبة من سباتها الطويل والانطلاق نحو آفاق أفضل.. نرجو ذلك.